موقع الشيخ/ عبيّد بن عبدالرحمن البيضاني

جديد المكتبة المقروءة
جديد المكتبة الصوتية
جديد دروس التفسير
جديد الأخبار


جديد المكتبة المقروءة

جديد الأخبار

جديد المكتبة الصوتية

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

تفسير سورة الفلق
27-06-1431 03:23

تفسير سورة الفلق


سورة الفلق هل هي مكية أو مدنية؟
القول الأول: مكية وهو قول عكرمة والحسن وعطاء.
القول الثاني: مدنية وهو أحد قولي ابن عباس وقتادة.
والراجح أنها وسورة الناس مكيتان. وقد اشتهر عند المفسرين أن هاتين السورتين الفلق والناس نزلتا على أثر السحر الذي سُحر به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد سحره اليهودي لبيد بن الأعصم سحراً ظاهرياً لم يؤثر على الوحي بل بدخوله وخروجه وأكله ونحوه، أما الوحي فمعصوم فيه صلى الله عليه وسلم. وكما سبق اشتهر أنهما نزلتا لفك سحر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذا لم يثبت وأيضاً الفلق والناس نزلتا في مكة على الراجح لكنه قرأهما على فك السحر وهذا لا ينافي كونها نزلتا في مكة.

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
الكلام على البسملة سبق في سورة الفاتحة.

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (1)
أعوذ: ألتجئ وأعتصم وأستجير برب الفلق. وذكر الرب هنا لما فيه من معنى التربية والرعاية والحفظ والإعانة.
الفلق: الصبح قد انفلق وانشق وعلى هذا المفسرون. والصبح آية عظيمة فهو حدث كوني عظيم تتغير معه الأكوان والكوكب. ثم أيضاً الصبح فيه انفلاق وانشراح وإضاءة وإشراقة. فالذي يستعيذ برب الفلق يستشعر أن أمره سينشرح ويضيء يومه ومستقبله ويشرق ويستبشر، وقال البعض الفلق كل ما انفلق عن جميع ما خلق الله من الحيوان والصبح والحب والنوى....الخ فكل شيء انفلق عن شيء فهو فلق.
طيب :استعاذ برب الفلق من أي شيء؟ قال:

(مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) (2)
من شر: كل ما خلق الله من حيوان أو غيره و (ما) اسم موصول لغير العاقل لأن ما لا يعقل أكثر مما يعقل وإلا (ما) هنا تشمل العاقل وغير العاقل لكن إذا كان غير العاقل أكثر عبر بـ (ما) فيشمل الجميع. فيستعيذ بالله من شر كل مخلوق وقوله:
ما خلق: فيه محذوف تقديره: (من شر ما خلقه) محذوف الضمير الذي يعود على الله والاسم الموصول عامة يحذف ويفهم منه أن المخلوق فيه شر إما متأصل فيه كالهوام والسباع ونحوهما وشر طارئ كما في بني أدم أو الحيوان الأليف فيطرأ عليه الشر فيتعوذ الإنسان من شر كل مخلوق فيه شر، سواء شر طارئ أو طبعاً في هذا المخلوق.

(وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) (3)
هذا أمر آخر يستعاذ بالرب منه. والغاسق: يقول بعض المفسرين هو الليل إذا اشتد ظلامه لأن الليل تكثر فيه الهوام والوحوش ونحوها. فالليل يكثر فيه الشر سواء في أوله لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكف الصبيان عند إقباله. وكذلك إذا اشتد الظلام فيستغله ذو الشر والليل يسمى غاسق ومنه قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) (الاسراء: من الآية78) وقيل الغاسق: القمر إذا اسود وخسف ولا منافاة بينهما لأن غياب القمر يكون في الليل فيظهر أثره والظلام في ذهابه. لكنه وصف الغاسق إذا وقب.
وقب: إذا استحكم وأطبق فإذا استحكم الليل وأطبق وأظلم فيستعاذ بالله منه هذا على أن الغاسق الليل. أما على أن الغاسق القمر كما قال بعض المفسرين فكل غاسق إذا دخل فالليل إذا وقب والقمر إذا غاب أو النجم إذا غاب وقب إذ أن ظلام الليل وغياب القمر والكواكب مظنة خروج الحيات والحيوانات المفترسة والجماعات المتلصصة والسرقة والسطو والشرور. ولهذا يشرع في الليل من الأوراد ما هو معلوم فهذا يدل أنه يستعاذ بالله من شيء قد يصيب الإنسان في هذا الوقت.

(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) (4)
النفاثات: وصف للمؤنث فهن السواحر أو الساحرات وهن النساء اللاتي ينفثن في العقد نفث بلا ريق فيؤثر بالشخص حسب حاله وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك) رواه النسائي.
فإن قال قائل أليس هناك رجال يسحرون؟ قلنا بلى لكن خص النساء لكثرت السحر عندهن وقد يستغل الساحر النساء فينفذن ما يراد منهن ولهذا نقول هذه الآية تشمل السحرة والساحرات. وبعض العلماء يقول يحتمل أن المراد بالنفاثات الأنفس فيشمل الرجال والنساء فهن أنفس خبيثة سواء من الرجال أو النساء. فعلى هذا إن كان المراد الأنفس فالأمر واضح وإن كان المراد بالنفاثات النساء فذكرهن بناء على الغالب لأن الغالب السحر عند النساء فذكرن ولا يمنع أن الرجال كذلك ينفثون كما تنفث النساء وهذا أمر ظاهر ومعلوم عند الجميع.
والعقد: اللاتي ينفثن فيها عقد الخيط يعقدنه ثم ينفثن فيه فيؤثر بإذن الله.

(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (5)
أيضاً أمرنا بالتعوذ من شر الحاسد إذا حسد.
والحسد: تمني زوال النعمة عن الغير. فالحاسد هو الذي يحسد الناس على ما عندهم ويتمنى أن يذهب ما عنده إما يذهب عن صاحبه ويذهب إليه وإما يذهب عن صاحبه.
فمثلا: إنسان له أولاد أو صحيح معافى أو عنده بيوت وأزواج ونحوه فيحسده من فقد هذا الشيء ويتمنى زوالها عنه إما بذهابها إلى الحاسد وإما تزول عن صاحبها بالكلية والحسد شأنه عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب ويأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وهو من أمراض القلوب التي تُذهب الحسنات. والواجب على الإنسان أن يحذر منه ويكفي قبحاً له أنه من أعمال اليهود وهم أهل الحسد والعداء. ويذهب الحسد عن الإنسان ويزول بإذن الله إذا علم أن ما حصل لغيره فهو بقضاء الله وقدره فالحسد معارض لله في حكمه وقضائه وقدره والعلاج منه أن تسأل الله من فضله كما قال تعالى: (وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (النساء: من الآية32).
والحسد ينتشر بين الأقارب ولو كانوا علماء إلا من رحم الله. وينتشر بين الضرات حتى قد يؤدي الحسد إلى العداوة في البدن بين الزوجات فربما قتلت ومعلوم قصة الهذليتين التي رمت ضرتها بحجر فقتلتها وما في بطنها فقيل إنهما ضرتان. وكذلك بين الأفراد من طلاب العلم فإن الشيطان قد يدخل بينهما عن طريق الحسد حتى يسول لطالب العلم أنه إذا فعلت له كذا انصرف الناس إليك وتركوه وهكذا. وعند المحدثين كلام الأقران لا عبرة به فالحسد داء لكن السلامة منه بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى.
ومن الحسد: حسد العائن فالإنسان قد يعين غيره فيضره. لكن قوله: (حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) أعم من العائن وهذا من بلاغة القرآن لأن الحسد يشمل العائن وغيره. والاستعاذة هنا من شر الحاسد إذا حسد وليس من الحاسد نفسه لأن الحاسد قد لا يضر بحد ذاته ولا شر في ذاته لأنه قد يكون حاسد فيجاهد نفسه ويصرف حسده عن غيره فهذا لا شر فيه لكن إذا صار يحسد ويفعل الحسد تعينت الاستعاذة من شره.
وفي هذه السورة الاستعاذة من أنواع: من شر ما خلق وهذا عام. ثم من الغاسق إذا وقب وهذه استعاذة من زمن مضنة لحصول الشرّ فيه. ومن شر متوقع من النفاثات والحاسدين ويلاحظ أن سورة الفلق يستعاذ من أمر خارجي فشر المخلوق والفاسق والنفاثات والحساد هذا شر خارجي. وسورة الناس كما سيأتي يستعاذ من شر داخلي وهو الوسواس الخناس . وسيأتي في سورة الناس.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 9974


خدمات المحتوى


تقييم
1.01/10 (13 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم ومسلمة